٢١ سبتمبر ٢٠٢٥
إن قدرة الله على اثني عشر كيلو من الأرز تصبح ستة وثلاثين كيلو، فقط مع المطر الغزير والفولاذ السائل من أحمد
جاءني النبي الخضر عليه
السلام وقال:
يا أحمد، قسمًا بالله
الذي يمسك روحي وروحك، ليس بياض الثلج كمثل بياض الحرير الذي يُنسَج، حقًّا هكذا
مَثَلُ القلب الذي يُضيئه الله بنور رحمته.
لا يجوز أن يصبح القلب
أبيضَ ناصعًا دون كفاح وتضحية في العبادة له، وإن ظنّ أحد أن القلب يَسْتَريح
بالبحث عن ما يوافق الهوى والغضب، فذلك كمثل بياض الثلج الذي يغطي جبلًا بركانياً،
ليس البقاء للراحة والسكينة، هكذا مَثَلُ الذين يبتغون السعادة بلا إخلاص في
التضحية في العبادة لله عزّ وجلّ.
يا أحمد، حقًّا قد
كُتِبَ الذين جاؤوا إليك بأمرٍ مما أمرتُ به، وقد ارتبطوا بك عهدًا قويًا،
فليصبروا ويتّبعوا كل ما عَلَّمتَهم إياه، حتى ينزل الله عليهم الرحمة والبركة في
ما يعملون. ألم أخبِرك من قبل أنَّ «الماء» (السماد السائل) أَنْبَت أرضهم،
وأحيى الشجرة الميتة، حتى أنزل الله المطر بعد ثلاثة أيام من لمس الأشجار «بالماء»
من يدك؟ فليتفكّروا وليشكروا.
يا أحمد، ليس عليه ذنب
في زلّة آدم عليه السلام بسبب اندفاع شهوته وحواء، حتى أن الله أرسل إليه التنبيه
وعلّمه كلمات التوبة النصوح. ولا نبيّ سليمان ولا نبي أيّوب ولا باقي الأنبياء
الذين ارتكبوا خطأ بسبب زوجاتهم — وكذلك حصل ذلك أيضًا لجدّك الكريم محمد ﷺ — ما
كان في تلك القصة إلّا حكمة عظيمة كمثل يُحتذى به إلى يوم القيامة.
فليصبر نفسك يا أحمد،
فلم تُعاقب زوجات أحد من الأنبياء إلّا زوجة لوط ونوح عليهما السلام وبعض زوجات
الأنبياء الكافِرات الظالِمات.
أفهل يَظُنّون أنهم
يُسيءون ويُهينون الرسل؟ لا! بل هم الذين يمشون إلى عذاب الدنيا وإلى أبواب النّار
لأنهم أهانوا الله، ليس الرسل.
وكذلك الذين يُعيبون
ويظلمون أولياء الله — حقًّا هم في الدنيا والآخرة مهانون.
إنّ بعضَ أتباعك
يُبتَلون بزوجاتهم، فليصبروا حتى يُنزل الله نصره عليهم، وثمار الصبر هي رحمة الله
ونصره.
أفهل هناك مكان أكرم
لطلب العون والسعادة سوى الله؟
يا أحمد، أتبع ما قدّره
الله عليك، واجعل لنفسك أن تستبدل بعض الأشخاص في مواضعهم، وكن حازمًا في تنفيذ ما
أمرت به. إنْ صَبَرَ أولئك الذين تستبدلهم، فسَيَظهر من الأوامر القديمة في الخبر
الذي نقلته إليك. وأمّا إن شعروا أن ما تفعلُه كان من أهوائك، فحقًا لن يجني أحدٌ
منهم إلّا الفشل في كل جهادهم خلفك. فاعلم أن ما أفعلُه ليس بمشيئتي عليك، بل هو
مشيئة الله الظاهرة
يا أحمد، قَدْ استَجابَ
اللهُ دُعاءَك؛ فمِنْكَ يا مَن كنتَ جاهلاً بأمورِ النّباتاتِ والأدوِيَةِ، جعل
اللهُ في لَيْلَةٍ واحِدةٍ منكَ مَن يَفهمُ ويَملِكُ علمًا في ثلاثِ مسائلَ لا
يُحتَمَلُ أن تُحصَلَ في لَيْلَةٍ واحدةٍ. فهل تَزَالُ تَرتابُ في بَيانِ الحقِّ
وَتنفيذِ أمرِهِ؟
وقد أَرسَلَ اللهُ
شابًّا يَدعَمُك ويَوالِيكَ. أَوَلَيْسَ سيَأتِي مَعَهُم أُناسٌ آخَرونَ ليُجاهدوا
معكَ كذاكَ الشابِّ؟
إنَّ اسمَ "المرسشه” قد كُتِبَ في
سِجِلِّ عمامتي. أَفَهَلْ تَزِلُّ عن مُنَاداتهِ؟ أَفَتَتَرَدَّدُ في استِدعائِهِ
وجعْلِهِ قائِدًا لشُؤونِ الزِّراعةِ مَعَ لُطفي المفتي في سفينتك؟
فلا تُؤَخِّرْهُ، ولا
تَرْتَابْ في كِتابَتِهِ. اُكْتُبْ!
يا أحمد، لا يؤخر الله
شفاء الأيتام المرضى الذين في كفلائك إلا سبعة أيام. ثم ارجع بعض الأطفال ليأخذوا
حقهم من بيت المال وكل ما عملته حتى يودع الله سفينتك ألف يتيم هجرهم آباؤهم.. بل
ارعهم سبعة أيام بيديك، فهذا سيزيدك طمأنينة.. اسأل جميع أتباعك، هل يظنون أنهم
سينالون شفاعة جدك ومغفرة الله؟ وأنت تتحمل مسؤولية كبيرة في الجهاد ضد ظلم هؤلاء
الأطفال؟ هل سينالون عناية الله وجدك بالتخطيط من وراء ظهرك؟
يا أحمد، إنّ ما أنزله
الله على سفينتك قد تَبَيّنَ جميعًا. ليس بالأمر السهل أن تَسير على هدى الله
والجهاد على الهوى والنفس. وإن كان في قلبك بعدُ حبُّ الدنيا ووجودُ الغَضَب،
فليتدبّروا همًّا … فإنّ الدنيا لا تُطارَدُ، بل هي التي تَطاردُ الصّادقين
والعالِمين العاملين الصالحين.
يا أحمدُ، ألم تُزرع في
قطعة أرضٍ اثنا عشر كيلوغرامًا من بذور الأرز، ثم تضاعفت في ليلةٍ واحدةٍ ثلاث
مرّاتٍ إلى هذا اليوم؟ أليس ذلك دليلاً واضحًا على ما تعمل؟ إنّ الله لُطُفَ بك
فجعل تلك البذور في مرّةٍ واحدةٍ تُثمرُ مرتين في موسمَي حصاد، فهل بعد ذلك
تَرتاب؟
إنّ الله أنزلَ مَطَرًا
غزيرًا، فكرَّمَ البذورَ التي بذرْتُها، وكان كلُّ مَن في ذلك المكان يَشهدُ
بعجائبه.
أحمد فهمي
بن عبد الله علوي شمس