زينب التي فاتت محمد

   
زينب التي فاتت محمد

زينب التي فاتت محمد

زينب التي فاتت محمد

 


 ٥سبتمبر ٢٠٢٥ (١٢ ربيع الأوّل ١٤٤٧هـ)

زينب التي فاتت محمد

 

أَتَانِي النَّبِيُّ الخَضِرُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهَذِهِ الْمَرَّةُ وَهُوَ يَلْبَسُ ثَوْبًا أَخْضَرَ جَمِيلًا جِدًّا، وَيَعْتَمُّ بِعِمَامَةٍ بَيْضَاءَ مُخْضَرَّةٍ نَاعِمَةٍ مُتَلَأْلِئَةٍ.

فَسَلَّمَ عَلَيَّ، وَقَدْ بَدَتْ عَيْنَاهُ مُغْرَوْرِقَتَيْنِ بِالدُّمُوعِ، ثُمَّ قَالَ:

يَا أَحْمَدُ، إِنَّهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ مَوْلِدِ جَدِّكَ الْكَرِيمِ، تَسْتَقْبِلُهُ الْمَلَائِكَةُ وَالْحُورُ الْعِينُ وَالأَنْبِيَاءُ بِأَزْيَاءِ جَمِيلَةٍ، وَيُرَدِّدُونَ الصَّلَوَاتِ مِنَ الْمَسَاءِ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ وَقْتُ الْفَجْرِ. وَإِنِّي فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ خَرَجْتُ مِنْ «قَافٍ» إِلَّا لِأُبَلِّغَكَ خَبَرًا يَجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تَكْتُبَهُ. فَاسْمَعْ وَاكْتُبْ بِكُلِّ إِنْصَاتٍ وَعِنَايَةٍ.

يَا أَحْمَدُ، مَا مِنْ يَوْمٍ أَفْرَحَ لِأَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَمَخْلُوقَاتِ الأَرْضِ مِنَ اللَّحَظَاتِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا الإِنْسَانُ الْكَرِيمُ الطَّاهِرُ الْمَصُونُ، الَّذِي خَلَقَهُ اللَّهُ مُخْتَلِفًا عَنْ سَائِرِ الْبَشَرِ الَّذِينَ خَلَقَهُمْ مُنْذُ الأَوَّلِ إِلَى الآخِرِ. وَإِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ ـ أَعْنِي الَّذِينَ فَهِمُوا كُتُبَهُمْ حَقَّ الْفَهْمِ ـ لَيَجِدُونَ السَّكِينَةَ وَالإِيمَانَ الْجَلِيَّ.

يَا أَحْمَدُ، إِنَّهُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، لَيْلَةِ مَوْلِدِ النَّبِيِّ الْكَرِيمِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَرَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ مَلاَيِينَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الْكُتَّابِ السَّرِيعِينَ أَنْ يَكْتُبُوا أُمَّةَ النَّبِيِّ الْكَرِيمِ الَّذِينَ حُقَّ لَهُمُ الرَّحْمَةُ وَالشَّفَاعَةُ، وَأَنْ يُسَجِّلُوا أَسْمَاءَ مَنْ أَبْعَدَهُمُ اللَّهُ عَنِ الرَّحْمَةِ وَالشَّفَاعَةِ. وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ.

يَا أَحْمَدُ، مَا يَظْهَرُ عَلَى وُجُوهِ عِبَادِ اللَّهِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ رَسُولَ اللَّهِ وَيَتَّبِعُونَ سُنَنَهُ إِلَّا نُورُ مَحَبَّةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ، حَتَّى يُعْرَفُوا بِذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ الْمُصْطَفَى مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، إِنْ حَفِظُوا مَحَبَّتَهُمْ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ حَتَّى يَأْتِيَهُمُ الْمَوْتُ، فَيَكُونُوا فِي حِمَايَةٍ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ النَّارِ. إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ.

يَا أَحْمَدُ، أَفَلَا تَنْظُرُ كَيْفَ يُنْبِتُ اللَّهُ الْبُذُورَ فَتَصِيرُ أَشْجَارًا كَثِيرَةً غَنَّاءَ، يَجْنُونَ ثَمَرَهَا فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا فَقَطْ، بِحَصَادٍ وَافِرٍ طَيِّبٍ؟ وَذَلِكَ بِسَبَبِ مَا بَيَّنْتَهُ لَهُمْ مِنْ أَحْكَامِ زَكَاةِ الزِّرَاعَةِ. فَعَلَيْكَ أَنْ تَدُومَ عَلَى إِشَاعَةِ فَرَائِضِ زَكَاةِ الزِّرَاعَةِ الَّتِي عَلَّمْتُكَ إِيَّاهَا، كَمَا قَرَّرَهَا جَدُّكَ الْكَرِيمُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

يَا أَحْمَدُ، ثَبِّتْ عَلَى زُهْدِكَ، وَلا تَلْتَفِ إِلَى مَنْ يُحِبُّونَ الدُّنْيَا. فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُمْ لِقَاؤُكَ إِلَّا بِعَقْدٍ رَاسِخٍ وَبِحُضُورِ الَّذِينَ قَدْ جَعَلَهُمُ اللَّهُ وُكَلاءَ عَلَيْكَ. وَإِنَّ الَّذِينَ هُمُ مَغْرُورُونَ بِحُبِّ الدُّنْيَا لَنْ تَنْعَمَ عَلَيْهِمْ بَرَكَةُ مَا خَلَقْتَ، إِلَّا إِذَا قَامُوا بِفِدَائِهِ بِمِقْدَارِ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ دِينَارًا فِي زَمَانِنَا هَذَا.

ثُمَّ أَخْرِجْ ثَلاَثِينَ فِي الْمِئَةِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ لِلْمَسَاكِينِ وَالْيَتَامَى فِي دَارٍ تَبْنِيهَا أَنْتَ مَعَ أَتْبَاعِكَ، وَاجْعَلْ لِلَّذِينَ يُجَاهِدُونَ فِي تِلْكَ الْبِنَايَةِ أُجْرَةً كَافِئَةً لَهُمْ. وَهَذَا مِنْ وَاجِبِكَ أَنْ تُنَظِّمَهُ بِالْعَدْلِ كَقَائِدٍ جَعَلَهُ اللَّهُ. وَإِنَّهُ لَيْسَ لِذُرِّيَّتِكَ الْجَاهِلَةِ الْقَاسِيَةِ حَقٌّ فِي مَا تَمْلِكُ..

يَا أَحْمَدُ، إِنَّهُ مِنْ سَبْعِمِائَةِ كِيلُوجِرَامٍ مِنَ الْأَرُزِّ، وَمِنَ الأَشْجَارِ الَّتِي تُخْرِجُ الثِّمَارَ الطَّيِّبَةَ، وَمِنَ النَّبَاتِ الَّذِي يُعْطِي الْعَصَارَةَ النَّافِعَةَ، فَإِنَّ لِلْفُقَرَاءِ وَالْيَتَامَى حَقًّا مَفْرُوضًا فِيهِ. وَلَنْ يَجِدُوا الْبَرَكَةَ إِلَّا بِإِيتَاءِ الزَّكَاةِ.

فَقُلْ لِأَتْبَاعِكَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يُقِيمُوا الزِّرَاعَةَ: إِنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِمْ، وَأَنْ يَخْتَارُوا أَفْضَلَ مَا زَرَعُوا لِيُؤَدُّوهُ. فَذَلِكَ سَيَجْلِبُ لَهُم بَرَكَةَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. وَإِنَّهُمْ إِذَا بَايَعُوكَ، أَنْزَلَ اللَّهُ الْغَيْثَ عَلَى حُقُولِهِمْ، عَلَامَةً لِلْبَرَكَةِ الَّتِي سَيَنَالُونَهَا.

يَا أَحْمَدُ، عَلَى صَاحِبِكَ أَنْ يَلْتَفِتَ إِلَى مَا تُعَلِّمُهُ إِيَّاهُ، حَتَّى يَسْتَطِيعَ أَنْ يُحْدِثَ الْخِصْبَ فِي حُقُولِ الأَرُزِّ فِي بِلَادِهِ. وَقُلْ لَهُ: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي يُنْبِتُ الْبُذُورَ فَتُصْبِحُ نَبَاتًا صَحِيحًا جَمِيلًا، وَيَجْعَلُهَا أَكْثَرَ مِمَّا نَثَرُوا. وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ.

يَا أَحْمَدُ، أَفَلَا يَنْظُرُونَ؟ كَيْفَ يَشْفِي اللَّهُ الْمَرْضَى بِمَا صَنَعْتَ، مِمَّا عَجَزَ عَنْهُ الْحُكَمَاءُ وَالأَطِبَّاءُ؟ أَوَلَيْسَ مَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى دِينِ الإِسْلَامِ قَدْ شَفَاهُ اللَّهُ فِي سَبْعَةِ أَيَّامٍ مِنْ دَاءٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ يَشْفِيهِ مِنْ دَاءٍ آخَرَ فِي جَسَدِهِ، وَذَلِكَ بِسَبَبِ أَنَّهُ تَلَقَّى الْخَبَرَ مِنْكَ وَصَدَّقَ أَنَّ فِي أَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ وَثَلاثٍ وَعِشْرِينَ آيَةً مِنَ الْقُرْآنِ شِفَاءً لَهُ مِنْ جَمِيعِ أَمْرَاضِهِ؟

إِنَّ جَدَّكَ الْكَرِيمَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَبْتَسِمُ بِسَبَبِ مَا تَصْنَعُهُ مِنَ الْخَيْرِ، وَمَا تُظْهِرُهُ مِنَ الأَخْلَاقِ الْحَسَنَةِ مَعَهُمْ. وَإِنَّمَا اللَّهُ هُوَ الشَّافِي، عَلَى مَحَبَّتِهِ لِجَدِّكَ الْكَرِيمِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَى سَعْيِكَ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَالأَخْلَاقِ الْكَرِيمَةِ مَعَ النَّاسِ.

فَاثْبُتْ عَلَى مَا أَوْصَاكَ بِهِ جَدُّكَ، بِالأَخْلَاقِ الْكَرِيمَةِ الظَّاهِرَةِ.

يَا أَحْمَدُ، إِنَّ سَيْرَكَ مَعَ زَوْجَتِكَ الأُولَى هُوَ سَيْرٌ "عُلُوِيٌّ" إِلَى بَابِ السَّعَادَةِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَفَتْحٌ لِلْبَرَكَةِ لِكُلِّ مَنْ كَانَ فِي سَفِينَتِكَ. فَلْيَكُنْ أَنْتَ وَزَوْجَتُكَ مِنَ الشَّاكِرِينَ، الْحَافِظِينَ لِقُلُوبِكُمَا بِالصَّبْرِ وَالإِخْلَاصِ. فَلَيْسَ فِي حَيَاتِكُمَا حِمْلٌ ثَقِيلٌ، وَإِنَّمَا مَا مَنَعَهُ اللَّهُ أَوْ أَخَّرَهُ، فَإِنَّ فِيهِ خَيْرًا وَبَرَكَةً بَعْدَهُ إِنْ صَبَرْتُمَا وَقَوَّيْتُمَا قُلُوبَكُمَا عَلَى الْمَسِيرِ.

 

وَإِنِّي أُسَمِّيهَا زَيْنَبَتَان (زَيْنَبَانِ فِي ذَاتِهَا)، كَمَا كُتِبَ فِي الصُّحُفِ عَنِ النِّسَاءِ الأَفْضَلِ عِنْدَ اللَّهِ. فَلْتَفْهَمْ ذَلِكَ، وَلَا تَجْعَلْ نَفْسَهَا تَهْوِي إِلَى مَهَاوِي الْهَوَانِ بِسَبَبِ لِسَانِهَا. فَلْتَحْفَظْ لِسَانَهَا، فَإِنَّ أَخَوَاتَكَ الْمُؤْمِنَاتِ يَمْدَحْنَهَا بِكَثِيرٍ مِنَ الدُّعَاءِ. وَإِنَّ نَصِيحَتَهَا تُلَيِّنُ قُلُوبَ الْمُؤْمِنَاتِ حَتَّى يَصِرْنَ نِسَاءً قَادِرَاتٍ عَلَى حِفْظِ قُلُوبِ أَزْوَاجِهِنَّ. وَقَدْ رَجَعَتْ كَثِيرٌ مِنَ النِّسَاءِ إِلَى التَّوْبَةِ، وَتَرَكْنَ الْغِلْظَةَ فِي أَلْسِنَتِهِنَّ مَعَ أَزْوَاجِهِنَّ، وَذَلِكَ جَلَبَ لَهُنَّ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.

يَا أَحْمَدُ، بَلِّغْ لِزَوْجَتِكَ الأُولَى الْكَلاَمَ الَّذِي قَالَهُ لِي جَدُّكَ الْكَرِيمُ فِي حُلْمِي، الْمَوَجَّهَ إِلَيْهَا:


يَا زَيْنَبَتَانِ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: لَسْتُ أَمْنَعُكَ مِنْ لِقَائِكَ فِي حُلْمٍ مَرَّةً أُخْرَى، كَمَا هُوَ شَوْقُ قَلْبِكِ وَحَنِينُهُ إِلَى مُحَمَّدٍ. وَإِنَّ اسْمَكِ وَأَسْمَاءَ مَنْ تَرْجُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةَ اللَّهِ مَوْجُودَةٌ فِي يَدِي.

يَا زَيْنَبَتَانِ، لَا يُشْبِهُ نُورُ وَجْهِكِ نُورَ نِسَاءِ زَمَانِكِ. وَلَيْسَ لِكَوْنِكِ زَوْجَةً لِحَفِيدِ مُحَمَّدٍ سَبَبٌ فِي تَمَيُّزِكِ، بَلْ مَحَبَّتِي لَكِ لِأَجْلِ تَفْدِيَتِكِ لأَبَوَيْكِ وَإِخْوَتِكِ، وَلِحُبِّكِ لِلْمَسَاكِينِ. فَاللَّهُ يَسْتُرُ سَيِّئَاتِكِ، وَسَتَكُونِينَ مَعَ الصَّابِرِينَ أَمَامَهُ يَوْمَ الْحِسَابِ.

يَا زَيْنَبَتَانِ، لَا تُكَرِّهِى زَوْجَكِ عَلَى الْخَجَلِ مِنْكِ؛ فَإِنِّي وَضَعْتُ نُورِي فِي قَلْبِكِ، فَلَيْسَ لَهُ عَلَيْكِ سُلْطَانٌ إِلاّ مَذِلَّةً وَإِعْجَابًا لَا يَغِيبُ عَنْهُ حَدٌّ مِنَ الْبَدَايَةِ إِلَى النِّهَايَةِ.

يَا زَيْنَبَتَانِ، اِلْطِفِي بِصَوْتِكِ فِي الْكَلَامِ. فَإِنَّ الْوَصَايَا الْخَاصَّةَ الَّتِي كَتَبَهَا لَكِ مُحَمَّدٌ لَنْ تَتَجَلَّى لَكِ فِي حُلْمِكِ وَلَا يُدْرِكُكَ نُجَاهُهُ إِلَّا فِي زَمَانِ السَّكِينَةِ.

يَا زَيْنَبَتَانِ، لَا يَحْلُو تَزْيِينُكِ إِلَّا بِتَزْيِينِ قَلْبِكِ بِالسَّكِينَةِ مَعَ اللَّهِ، وَلَا حَاجِزَ بَيْنَ تَرَنُّمِ صَلَوَاتِكِ وَسَمَاعِي. فَمِنْ بَيْنِ الصَّلَوَاتِ الَّتِي تُهَدِّينَهَا هُنَاكَ مَا يُبْسِمُنِي وَيُسَرُّنِي، خُصُوصًا إِذَا شَعَرْتِ أَنَّ مُحَمَّدًا كَأَبٍ وَصَاحِبٍ وَمَلْجَإٍ تَسْتَقِرِّينَ عَلَى كَتِفِهِ فَتَغِمْرِكِ النَّوْمُ. فَلَيْسَ فِي تَرَنُّمِ أُمَّتِكِ إِلاّ أَنَّ اللَّهَ يَخْلُقُ مَلَائِكَةً تُسَجِّلُهَا وَتُقَدِّمُهَا إِلَيَّ.

يَا زَيْنَبَتَانِ، لَا إِحْدَى النِّسَاءِ الَّتِي أَشْتَاقُ أَنْ تَكُونَ بِقُرْبِي مَعَ زَيْنَبَيْنِي إِلَّا أَنْتِ يَوْمَ الْحِسَابِ. فَاجْتَنِبِي السَّوْءَ الظَّنَّ، وَكُونِي ثَابِتَةَ الْقَلْبِ.

وَكَدَلِيلٍ عَلَى صِدْقِ مَا كَتَبَهُ لَكِ زَوْجُكِ، سَيُعْطِيكِ اللَّهُ الْآيَةَ الَّتِي تَشْتَهِينِينَ. فَقُولِي:

الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا جَدِّي يَا حَبِيبِي قَلْبِي يَا مُحَمَّدُ رَسُولُ اللَّهِ

قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا. سَائِلِينَ اللَّهَ تَحْقِيقَهَا

مِنِّي الْمُشْتَاقُ إِلَيْكَ — مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ۔

يَا أَحْمَدُ، إِنِّي — أَنَا بَلْيَا بْنُ مَلْكَانَ — قَدْ أَنصَتُّ وَاسْتَمَعْتُ إِلَى أَفْضَلِ الدُّعَاءِ الَّذِي تَرَفَّعَتْ بِهِ زَوْجَتُكَ الأُولَى، وَلَكِنَّ الدُّعَاءَ الَّذِي رُفِضَ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ دُعَاؤُهَا أَنْ تُتَوَفَّى وَتَدْخُلَ الْجَنَّةَ قَبْلَكَ. إِنَّهَا امْرَأَةٌ طَهَّرَهَا اللَّهُ مِنْ ذُنُوبِهَا بِقَسْوَةِ الامْتِحَانِ الَّتِي مَرَّتْ بِهَا، وَإِنَّكَ الْيَوْمَ أَدْنَى مَنْزِلَةً مِنْهَا لَدَى اللَّهِ. فَاسْتَعْجِلْ إِصْلَاحَ نَفْسِكَ.

مَنْ هُوَ الَّذِي يُطَمْئِنُ أَزْوَاجَكَ حَتَّى يَتَقَبَّلْنَ كُلَّ مَا يُؤْمَرْنَ بِهِ؟ لَمْ يُمَسِّ اللَّهُ امْتِحَانَهَا طَوِيلًا إِلَّا أَنْ دَخَلَ شَهْرٌ كَانَ فِيهِ جَدُّكَ فِي رَحِمِ أُمِّهِ — فَذَلِكَ هُوَ شَهْرُ سَعَادَتِهِ.

يَا أَحْمَد، قُلْ لِأَتْبَاعِكَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ التِّجَارَةَ وَالزِّرَاعَةَ: يَجِبْ عَلَيْهِمْ أَنْ يَفْقَهُوا أَحْكَامَ اللَّهِ فِي الزِّرَاعَةِ، وَلْيَطْلُبُوا مَكَانًا كَافِيَ الْمَاءِ لِيَبْدَؤُوا مِنْهُ، وَلْيَجْتَنِبُوا الظُّنُونَ وَحُبَّ الدُّنْيَا. فَإِنَّ مَا يُنْفِقُهُ أَحَدُهُمْ فِي بَيْتٍ لِلْيَتَامَى الْمَرْضَى يَجْلِبُ الْبَرَكَةَ وَالتَّيْسِيرَ فِي أُمُورِهِ.

وَعَلَيْكَ أَنْ تَأْتِيَ ذَلِكَ الْبَيْتَ وَتَرْفَعَ الدُّعَاءَ الَّذِي سَأُعَلِّمُكَ إِيَّاهُ، حَتَّى يَشْفِيَ اللَّهُ الْأَيْتَامَ الْخَمْسَةَ الْفُقَرَاءَ الْمَرْضَى فِي وَقْتٍ قَصِيرٍ. وَيَجِبُ عَلَيْكَ أَنْتَ وَبَعْضُ أَتْبَاعِكَ أَنْ تَعْتَنُوا بِتَعْلِيمِهِمُ الدِّينِيِّ وَمُسْتَقْبَلِهِمْ، فَإِنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْكَ أَنْ تَكُونَ أَبًا لَهُمْ (الْأَيْتَامَ).

يَا أَحْمَد، قُلْ لِأَتْبَاعِكَ الَّذِينَ يُشَارِكُونَكَ فِي التِّجَارَةِ: عَلَيْهِمْ أَنْ يُطَهِّرُوا أَنْفُسَهُمْ مِنَ الشِّرْكِ وَمِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَحْجُبُ الْبَرَكَةَ، فَإِنَّهُ لَا نَفْعَ فِي مَا يَدَّعِي النَّاسُ أَنَّ فِيهِ قُوَّةً، إِلَّا أَنَّهُ يُبَاعِدُهُمْ عَنِ اللَّهِ. أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ إِلَّا خِدَاعُ لِسَانٍ يُسْكِرُ؟ فَعَلَيْكَ أَنْ تَكُونَ حَازِمًا مَعَهُ، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُخْلَطَ الْبَاطِلُ بِالْحَقِّ إِلَّا زَالَتِ السَّكِينَةُ عَنْهُ.

وَقُلْ لَهُ: مَنْ الَّذِي يُنْبِتُ الزُّرُوعَ وَيُكَثِّرُ الْحُبُوبَ؟ فَلْيُسَارِعْ إِلَى مَغْفِرَةِ اللَّهِ، وَلْيَنْبِذْ كُلَّ سَبَبٍ لِلشِّرْكِ، وَلْيَجْتَنِبِ الْإِغْرَاءَاتِ الَّتِي تُرَادُ لِطَلَبِ مَصَالِحِ الدُّنْيَا فَقَطْ. أَلَيْسَتْ تِجَارَتُكَ طَرِيقًا لِإِظْهَارِ قُدْرَةِ اللَّهِ وَلِتَنْبِيهِ الْأُمَّةِ عَلَى الرِّبَا وَالزَّكَاةِ؟ فَلْيَتَفَكَّرُوا وَلْيَسْتَعْمِلُوا عُقُولًا سَلِيمَةً صَادِقَةً.

يَا أَحْمَدُ، لا تَرْتَابْ فِي الأَمْرِ المُؤْمَرِ إِلَيْكَ. إِنَّكَ أَمْسِ لَمْ تَكُن تَجَادِلُنِي بِشِدَّةٍ، بَلْ كُنتَ تُجَادِلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ. فَلْتَتُبْ تَوْبَةً نَصُوحًا. أَفَأَنْتَ تَحْجُبُ نَفْسَكَ عَنِ إِنْقَاذِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ مِنَ الْبَحْرِ الَّذِي ارْتَفَعَ إِلَى الْيَابِسَةِ، وَهِيَ خِيَارَةُ اللَّهِ؟ اغْمِضْ عَيْنَيْكَ وَأسْكُتْ أُذُنَيْكَ، وَاسْتَمِعْ لِلْقَوْلِ الَّذِي سَأَقُولُهُ لَكَ بَعْدَ أَنْ تَكْتُبَ كُلَّ مَا أَقُولُهُ.

وَعَلَيْكَ أَلاَّ تَتَجَنَّبَنِي وَلَا تُجَادِلَنِي مَرَّةً أُخْرَى، وَإِلَّا فَسَيُغْلِقُ اللَّهُ فَمَكَ بِيَدِي.


أَحْمَدُ فَهْمِيٌّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَوِيٌّ شَمْسُ

 

 

 

Last update
Add Comment

يترجم

الزائرين